للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأرض على إصبع، والجبال على إصبع، والشجر والأنهار على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، ثم يقول بيده: أنا الملك، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: {وَمَا قَدَرُواْ اللهَ حَقَّ قَدرِهِ} .

سبق هذا الحديث في باب قول الله - تعالى -: {لِمَا خَلَقتُ بِيَدَىَّ} وذكره هناك من طريقين، غير الطريق التي هنا، وتقدم شرحه هناك، وجرياً على عادته إذا أعاد ذكر الحديث؛ فلا بد أن يغاير بين لفظه اللاحق وبين السابق، وبين سنديه، فإن لم يمكن ذلك فعل ما أمكنه منه.

وهنا قد غاير بين لفظه هنا وهناك، وكذلك في الإسناد.

ففي الباب السابق ((أن يهودياً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -)) .

وفي الطريق الأخرى: ((جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل الكتاب)) .

وهنا: ((جاء حبر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال الراغب: ((الحبر: الأثر المستحسن، ومنه ما روي: (يخرج من النار رجل قد ذهب حبره، وسبره)) أي: جماله، وبهاؤه، ومنه سمي الحبر بالكسر، والحبر: العالم، وجمعه أحبار - سموا بذلك - لما يبقى من أثر علومهم في قلوب الناس، ومن آثار أفعالهم الحسنة المقتدى بها)) (١) ، وفي ((القاموس)) : الحبر: ((العالم أو الصالح)) .

قوله: ((ثم يقول بيده: أنا الملك)) ، أي: أنه تعالى يهزهن، استخفافاً لهذه المخلوقات، واستصغاراً لها أمام عظمة الله وقوته - جل وعلا -، وقد جاء مصرحاً بذلك في الروايات الأخرى.

قال ابن جرير: ((وحدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن المفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السدي، عن منصور، عن خيثمة بن عبد الرحمن،


(١) ((المفردات)) (ص١٠٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>