للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً، فصورها، وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال: يا رب، أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما يشاء، ويكتب الملك، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده، فلا يزيد على ما أمر، ولا ينقص)) (١) .

وقد يبدو أن هذا يخالف حديث عبد الله بن مسعود؛ لأن ظاهر حديث عبد الله – كما تقدم- أنه يبقى أربعين يوماً نطفة، ثم أربعين أخرى علقة، ثم أربعين مضغة، ثم يبعث إليه الملك بعد الأربعين الثالثة.

قال ابن رجب: ((ظاهر حديث حذيفة يدل على أن تصوير الجنين، وخلق سمعه وبصره وجلده ولحمه وعظامه يكون في الأربعين الثانية، فيلزم أن يكون في الأربعين الثانية لحماً وعظاماً، وهذا خلاف ظاهر حديث عبد الله، وظاهره أنه يصورها، ويخلق هذه الأجزاء كلها، وقد يكون خلق ذلك بتصويره وتقسيمه قبل وجود اللحم والعظام، فلا يكون بين الحديثين اختلاف.

وتأول بعضهم على أن الملك يقسّم النطفة إذا صارت علقة إلى أجزاء، فيجعل بعضها للجلد، وبعضها للحم، وبعضها للعظام، فيقدر ذلك كله قبل وجوده، وهذا خلاف ظاهر الحديث)) (٢) .

قال ابن رجب: ((وقد ذكر علماء الطب ما يوافق الحديث، قالوا: إن المني إذا وقع في الرحم حصل له زبدة ورغوة ستة أيام، أو سبعة أيام، وفي هذه الأيام تصور النطفة من غير استمداد من الرحم (٣) ، ثم بعد ذلك تستمد منه.


(١) المرجع المذكور.
(٢) شرح الأربعين (١/١١٧-١١٨) الطبعة السعدية.
(٣) تبين في الطب الحديث أن نطفة الرجل تحمل حيوانات منوية كثيرة جداً، وإذا صادف واحد من هذه الحيوانات بويضة المرأة يكون انعقاد التلقيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>