للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما ينفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر، كما دل عليه ظاهر حديث ابن مسعود)) (١) .

وقال عياض: ((اختلفت ألفاظ هذا الحديث في مواضع، ولم تختلف أن نفخ الروح فيه بعد مائة وعشرين يوماً، وذلك تمام أربعة أشهر ودخوله في الخامس، وهذا موجود في الشاهد، وعليه يعول فيما يحتاج إليه من الأحكام، وقيل: إنه الحكمة في عدة الوفاة)) (٢) .

والحديث يدل صراحة أن الملك هو الذي ينفخ في الجنين الروح، التي تحصل بها الحياة، وتسري في الجسد، وهي سر من الله، لا يعلم حقيقتها إلا هو تعالى، كما قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} (٣) .

قوله: ((فإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينها وبينه إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار، فيدخل النار، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل عمل أهل الجنة فيدخلها)) .

هذا مما يدل على ما أراده البخاري – رحمه الله -؛ لأن سبق الكتاب لما سيكون صريح في هذا النص، وهو دليل على كمال علم الله تعالى – وكمال قدرته، وإحاطته بكل شيء، فهو – تعالى – يعلم الأشياء قبل وجودها، وكتب كل ما هو كائن، فكل الحوادث تقع وفق علمه وكتابته.

فإذا وضعت النطفة التي يتكون منها الإنسان في رحم المرأة، وأراد - تعالى - تكوينها مخلوقاً أمر بكتابة ما يعمله هذا المخلوق، وما يكون له من رزق، وما سيلاقيه في حياته، وما يؤول إليه وينتهي، من سعادة أو شقاوة.


(١) ((شرح الأربعين)) (١/١٢٣-١٢٤) .
(٢) من ((الفتح)) (١١/٤٨٥) .
(٣) الآية ٨٥ من سورة الإسراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>