وفيه أن الإنسان قد يعمل بعمل أهل الجنة، وهو في الحقيقة من أهل النار، فلا بد أن يعمل بعمل أهل النار قبيل موته، فيختم له بذلك وبالعكس؛ لأن الكتاب سبق بذلك، والحقيقة أن الذي سبق هو علم الله بأنه سوف يكون كذلك، وقد كتب الله ذلك.
وهذا هو الذي أزعج كثيراً من السلف، وأقلقهم.
قال ابن رجب:((بكى أحد الصحابة عند موته، فسئل عن ذلك؟ فقال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: ((إن الله – تعالى – قبض خلقه قبضتين، فقال: هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار)) ولا أدري في أي القبضتين كنت.
وقال بعض السلف: الذي أبكى العيون أشد البكاء هو الكتاب السابق)) .
وقال عبد العزيز بن أبي رواد: حضرت رجلاً عند الموت يلقن الشهادة: لا إله إلا الله، فقال في آخر ما قال: هو كافر بما تقول، ومات على ذلك فسألت عنه، فإذا هو مدمن خمر.
فكان عبد العزيز يقول: اتقوا الذنوب فإنها هي التي أوقعته.
وقال سفيان لبعض الصالحين: هل أبكاك قط علم الله فيك؟ فقال ذلك الرجل: تركتني لا أفرح أبداً.
وكان سفيان يشتد قلقه من السوابق، والخواتيم، فكان يبكي، ويقول: أخاف أن أكون في أم الكتاب شقياً، ويبكي ويقول: أخاف أن أسلب الإيمان عند الموت.
وكان مالك بن دينار يقوم طول ليله قابضاً على لحيته ويقول: يا رب، قد علمت ساكن الجنة من ساكن النار، ففي أي الدارين منزل مالك؟
وقال حاتم الأصم: من خلا قلبه من ذكر أربعة أخطار، فهو مغتر، فلا يأمن الشقاء: