للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا بالوحي، وذلك هو الروح الذي عند الله، لا يعلمها الناس، وأما أرواح بني آدم فليست من الغيب، وقد تكلم فيها طوائف من الناس، من أهل الملل وغيرهم، فلم يكن الجواب عنها من أعلام النبوة)) (١) .

فيقال: بل الروح من الغيب الذي لا يعلمه الناس، فإن هذه الروح التي في بني آدم وإن تكلم فيها طوائف من الناس فهي مجهولة الحقيقة، لا يعلمها إلا الله، والذين تكلموا فيها تكلموا بالظنون، ولم يصلوا إلى معرفة شيء من حقيقتها.

((قال بعض السلف في تفسيرها: جرى بأمر الله في أجساد الخلق، وبقدرته استقر، وهذا بناء على أن المراد بالروح في الآية روح الإنسان)) (٢) .

((قوله: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} من المعلوم قطعاً أنه ليس المراد بالأمر ها هنا الطلب الذي هو أحد أنواع الكلام، فيكون المعنى: إن الروح كلامه الذي يأمر به، بل المراد بالأمر هنا: المأمور، وهو عرف مستعمل في لغة العرب، وفي القرآن منه كثير، كقوله تعالى: {أَتَى أَمرُ اللهِ فَلاَ تَستَعجِلُوهُ} أي: مأموره الذين قدره وقضاه، وقال له: كن، فيكون، وقوله: {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ مِن شَيْءٍ لِّمَّا جَاء أَمْرُ رَبِّكَ} (٣) ، أي: مأموره الذي أمر به، من إهلاكهم)) (٤) .

ومقصود البخاري من الحديث: قوله: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} يعني: أنها كانت ووجدت بأمر الله، فأمر الله ليس هو الروح، وإنما وجدت الروح


(١) ((الروح)) (ص٢٣٧) .
(٢) المرجع السابق.
(٣) الآية ١٠١ من سورة هود.
(٤) المرجع المذكور.

<<  <  ج: ص:  >  >>