للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها، ولن تعدو أمر الله فيك، ولئن أدبرت ليعقرنك الله)) .

ذكر هذا الحديث في علامات النبوة، وفي المغازي، بأبسط مما ها هنا، ولفظه: ((عن ابن عباس، قال: قدم مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل يقول: إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته، وقدمها في بشر كثير من قومه، فأقبل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه ثابت بن قيس بن شماس، وفي يد النبي - صلى الله عليه وسلم - قطعة جريد، حتى وقف على مسيلمة في أصحابه فقال: ((لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها، ولن تعدو أمر الله فيك، ولئن أدبرت ليعقرنك الله، وإني لأراك الذي أريت فيه ما أُريت، وهذا ثابت يجيبك عني)) ثم انصرف عنه.

قال ابن عباس: فسألت عن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((وإني لأراك الذي أُريت فيه ما أُريت)) فأخبرني أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((بينا أنا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب، فأهمني شأنهما، فأوحى إليَّ في المنام أن أنفخهما، فنفختهما فطارا، فأولتهما كذابين يخرجان بعدي، أحدهما العنسي، والآخر مسيلمة)) (١) .

وهذا كان في آخر حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان في سنة عشر من الهجرة، وكان مسيلمة مع وفد قومه بني حنيفة.

قال الواقدي: كانوا بضعة عشر رجلاً، وكان معهم الرحال بن عنفوة، ومسيلمة بن حبيب الكذاب، وكان في رحالهم، فلما أسلموا وأعطاهم جائزتهم، ذكروا له أن مسيلمة في رحالهم، فقال: ((أما إنه ليس بشَرَّكُمْ مكاناً)) يعني: لكونه بقي يرصد رحالهم، ويخدمهم في ذلك.

فأخبروه بما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتعلق بهذه الكلمة، وقال: إنما قال ذلك؛ لأنه عرف أن الأمر لي من بعده. واشتدت فتنته لما شهد له الرحال، بأنه شريك في النبوة، وقد كان تعلم شيئاً من القرآن، فكان يلقي على مسيلمة مما يحفظه من القرآن، فيدعي مسيلمة أنه أوحي إليه، فعظمت بذلك فتنته)) (٢) .

هذا خلاصة ما ذكره المؤرخون، عن ابن إسحاق وغيره.

قال الحافظ: ((وسياق ما ذكره البخاري يخالف ما ذكره ابن إسحاق:


(١) ((البخاري)) (٥/١٤٠) .
(٢) ((البداية والنهاية)) (٥/٥٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>