قوله:((فلتحملن كل امرأة، ولتلدن فارساً يقاتل في سبيل الله)) قال هذا على سبيل التمني للخير، وإنما جزم به؛ لأنه غلب عليه الرجاء؛ لكونه قصد الخير وأمر الآخرة، لا عرض الدنيا.
قال بعض السلف:((نبه – صلى الله عليه وسلم – في هذا الحديث على آفة التمني والإعراض عن التفويض، ولذلك نُسِّي الاستثناء ليمضي فيه القدر)) (١) .
قلت: جاء في رواية ذكرها البخاري في الجهاد والأنبياء، أن سليمان عليه السلام لما قال ذلك قال له صاحبه: قل: إن شاء الله، وفي أخرى: قال له الملك، فلم يقل: إن شاء الله، وهذا يدل على أنه لم ينس، وأنه جزم بذلك لحسن قصده، وقيام السبب، فجوزي بعدم حصول المراد، وهذه الرواية أظهر في المقصود بهذا الباب. وجاء في رواية أخرى: ونسي أن يقول: إن شاء الله، فيحمل على أن معنى النسيان: تركه مع علمه، غير قاصد خروج ذلك عن مشيئة الله – تعالى -.
قوله:((فما ولدت منهن إلا امرأة ولدت شق غلام)) الشق: النصف، أي: أنها جاءت بغلام ناقص، لا يستطيع أن يعمل شيئاً. وهذا يدل على أنه ليس لأحد مهما ملك من الأسباب أن يخرج عن مشيئة الله – تعالى -، سواء كان نبياً، أو ملكاً، أو غير ذلك، فمشيئة الله هي النافذة في كل شيء، ومشيئة الخلق مقيدة لها، لا يعملون شيئاً، ولا يتم لهم، إلا بعد أن يشاءه الله – تعالى -.
قوله:((لو كان سليمان استثنى لحملت كل امرأة منهن، فولدت فارساً يقاتل في سبيل الله)) .