قوله:((لا بأس عليك، طهور إن شاء الله)) أي: أن المرض يزول، ويكون ذلك مكفراً لخطاياك، أو: أنه لا بأس عليك في مستقبلك؛ لأن المرض يطهرك من ذنوبك، فإن حصلت العافية اكتسب فائدتين، وإلا حصل له التكفير، وهذا دعاء خرج مخرج الخبر، ولهذا علقه بالمشيئة؛ لأنه أمر مستقبل، وكل ما يأتي يقيد بمشيئة الله – تعالى -، أما ما وقع فقد علم أن الله شاءه.
وقول الأعرابي:((طهور؟!)) ، كأنه رد لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – واستبعاد له، ولهذا قال:((بل هي حمى تفور)) أي: تغلى في جسمه ((على شيخ كبير)) والشيخ الكبير يكون ضعيفاً لا يتحمل ما يتحمله الشاب القوي ((تزيره القبور)) أي: يموت منها ويذهب به إلى المقبرة.
فلما رد ما قاله رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولم يقبله، واختار ما ذكره هو، قال النبي – صلى الله عليه وسلم – ((فنعم إذاً)) أي: إذا لم تقبل ما قلت لك، فالأمر كما تقول أنت.
قال الحافظ:((روى الطبراني أن الأعرابي أصبح ميتاً، وأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((أما إذ أبيت فهي كما تقول، قضاء الله كائن)) فما أمسى من الغد إلا ميتاً)) (١) .
والمقصود من الحديث قوله:((لا بأس عليك، طهور إن شاء الله)) وقد جاءت النصوص بأن المصائب كفارات للذنوب، كما جاء ترتيب الجزاء على أعمال معينة، فكل ذلك يكون مقيداً بمشيئة الله تعالى، فعلى العبد أن يضرع إلى الله تعالى بذل وافتقار، ويسأله من فضله أن يهديه لما يرضيه.
والأمور كلها بيده – تعالى – يتصرف فيها كيف يشاء، والخلق عبيده، وفقراء إليه، ولا يظلم ربك أحداً.