للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال الله-تعالى-: {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (١) .

فعطف الرحمة على الفضل يدل على المغايرة، وفضل الله-تعالى- الذي هو الثواب والجزاء-مخلوق، ليس من صفات الله - تعالى- القائمة به، وإن كان الفضل في الآية غير متعين إرادة الثواب به، بل يجوز أن يراد به التفضل الذي هو فعل الله -تعالى-.

وإذا كان الإجماع حاصلاً بين الأمة، بأن الله - تبارك وتعالى- ليس كمثله شيء في ذاته المقدسة، فيجب أن تكون صفاته كصفات خلقه؛ لأن الصفة تتبع الموصوف، فصفات الله-تعالى- من الرحمة، والرضا، والغضب، وغير ذلك، تليق بعظمته، وتناسبه، وصفة المخلوق من ذلك وغيره تليق بضعفه، وعجزه وفقره.

وإن من الضلال، والبعد عن كتاب الله، وهدي رسوله، وسبيل المؤمنين حقاً، نفي صفات الله -تعالى- وتعطيله منها اعتلالاً بأنها تفيد التشبيه؛ لأن المخلوق

يوصف بتلك الصفات، وهل هذا إلا مثل من يقول: أنا لا أقر بوجود الله- تعالى- لأن المخلوق موجود؟

وقد تقدمت الإشارة إلى أن مجرد الاشتراك في الاسم أو في المعاني العامة لا يقتضي تشبيهاً، وسيأتي لذلك مزيد إن شاء الله- تعالى-.


(١) الآية ٥٨من سورة يونس.

<<  <  ج: ص:  >  >>