للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومراد البخاري – رحمه الله – من الآية: أنها تدل على أن لله كلاماً يتكلم به ويقوله بصوته، وأنه يسمع منه كما هو ظاهر الآية: {مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ} ، وأن قوله صفة له تعالى، لا يكون مخلوقاً، كما زعم الضالون، ولهذا ذكر الأحاديث التي فيها التصريح بأن الله ينادي بصوت، كما يأتي، وفي ذلك أبلغ دليل على بطلان قول المعتزلة، ومن تابعهم، على أن الله لا يتكلم بكلام يسمع منه، وإنما كلامه ما يخلقه في غيره، أو هو المعنى القائم في نفسه – تعالى الله عن قولهم – وأنه لا يكون بحرف وصوت يسمع، ((وكل ذي لب صحيح يعرف بالحس، والمشاهدة قبل الاستدلال أن القرآن العربي، حروف، ولا فرق بين منكر ذلك ومنكر الحواس، وأنها من مبادئ العلم وأسبابه المدارك)) (١) .

وما نقله الحافظ عن ابن بطال: من أن مراد البخاري: أن قول الله قديم لذاته قائم بصفاته، لم يزل موجودا ً به (٢) ، ولا يزال كلامه لا يشبه [كلام] المخلوقين)) (٣) إلى آخره.

فهو بعيد كل البعد عن مراد البخاري، بل هذا القول يدخل في قول من قصد البخاري الرد عليهم، ولكن ابن بطال يريد من البخاري أن يكون متفقاً معه في العقيدة، وبينهما مثل ما بين المشرق والمغرب.

قوله: ((ولم يقل ماذا خلق ربكم)) يشير بذلك إلى الرد على القائلين بخلق القرآن وغيره من كلام الله – تعالى – فالآية صريحة في إبطال قولهم.

قال الحافظ: ((هذا أول باب تكلم فيه البخاري على مسألة الكلام، وهي


(١) ((درء تعارض العقل والنقل)) (٢/٩٢) ، نقله عن أبي نصر السجزي.
(٢) هكذا في النسخة التي عندي، وأظن الصواب: ((موصوفاً به)) .
(٣) ((الفتح)) (١٣/٤٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>