١٠٨ – قال:((حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن عكرمة، عن أبي هريرة يبلغ به النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنه سلسلة على الصفوان)) .
قال علي: وقال غيره: ((صفوان ينفذهم ذلك، فإذا فزع عن قلوبهم، قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق، وهو العلي الكبير)) .
قوله:((إذا قضى)) المراد بالقضاء هنا: الأمر بالشيء، والحكم، بأن يتكلم آمراً ملائكته، كما في حديث ابن مسعود المتقدم، وحديث النواس بن سمعان: إذا تكلم الله بالوحي.
قوله:((ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله)) صريح بأن الملائكة تسمع قوله: ولا يعقل شيء يدركه السمع إلا ما كان بصوت وحروف.
هذا هو مراد البخاري – رحمه الله – أن كلام الله يسمع منه؛ لأنه يتكلم حقيقة، والكلام الحقيقي الذي يسمع لا بد أن يكون بصوت وحروف، وهذا الذي فهمه صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – منه، وهو الذي أراد منهم فهمه، وكذا فهمه أتباعه إلى اليوم.
((خضعاناً)) مصدر لخضع، كغفران مصدر لغفر، والمعنى: أن الملائكة تخضع لله عند سماع كلامه، وتستكين، فتضرب بأجنحتها من الخضوع.
والصفوان هي الحجارة الكبيرة الصلبة.
قوله:((ينفذهم ذلك)) يعني: أن الصوت المذكور يبلغهم كلهم ويسمعونه.
قوله:((قال سفيان: قال عمرو: سمعت عكرمة، حدثنا أبو هريرة بهذا، قلت لسفيان: قال: سمعت عكرمة ... )) إلى آخره. يقصد بيان أن عكرمة قد صرح بالتحديث، فينتفي احتمال التدليس.