للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان ما يفهم من ظاهرها باطل، لبينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الله - تعالى - كلفه ببيان ما نزل إليه.

ثم قال: ((سمعت أبا معمر الهذلي يقول: من زعم أن الله لا يتكلم، ولا يسمع ولا يبصر، ولا يغضب، ولا يرضى - وذكر أشياء من هذه الصفات - فهو كافر بالله)) .

حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عبد الله: إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء، فيخرون سجداً، حتى إذا فرغ عن قلوبهم، قال: سكن عن قلوبهم، نادى أهل السماء: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق، قال كذا وكذا، ورواه مرفوعاً)) (١) .

وفي الترمذي، عن عمران بن حصين، قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر فتفاوت بين أصحابه في السير، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوته بهاتين الآيتين: {يَأيُّها النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُم إِنَ زَلزَلَةَ السَاعِة شَيءُ عَظِيمُ} إلى قوله: {عَذَابَ اللهِ شَدِيدُ} ، فلما سمع ذلك أصحابه حثوا المطى، وعرفوا أنه عنده قول يقوله، فقال: ((هل تدرون أي يوم ذلك؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((ذاك يوم ينادي الله فيه آدم، فيناديه ربه، فيقول: يا آدم، ابعث بعث النار)) إلى آخر الحديث، وقال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح)) (٢) .

فهذا ظاهر جداً في أن المنادي هو الله - تعالى -، والنداء لا يكون إلا بصوت يسمع من بعدٍ عن المنادي، فللَّه - تعالى - صوت يليق به، فصوته لا يشبه أصوات خلقه، كصفاته.


(١) ((كتاب السُّنَّة)) (ص٧٠-٧١) .
(٢) ((جامع الترمذي)) (٥/٣٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>