للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يعلم. والإيمان به من أركان الدين لابد منه، والأدلة عليه من الكتاب والسنة كثيرة.

قوله: "فلتصبر، ولتحتسب" الصبر: حبس النفس عن الجزع، والتسخط، وحبس الجوارح عما نهى عنه الشرع من شق الثياب، وخمش الوجوه ولطمها، والكلام الذي ينافي التسليم لرب العالمين، وما أشبه ذلك مما يدل على تسخط الأقدار، والاعتراض على القضاء الذي قضاه الله قبل وجود الخلق.

والاحتساب: هو نية طلب الثواب من الله على الإيمان بالقدر، والتسليم لأمر الله –تعالى-، والإيمان بوعد الله –تعالى-، فإنه وعد على الصبر الجزاء.

قال ابن القيم: "حقيقة الصبر: أنه خلق فاضل من أخلاق النفس يمتنع به من فعل ما لا يحسن، ولا يجمل" (١) .

قوله: "فأعادت إليه الرسول، أنها أقسمت لتأتينها" جاء في بعض الروايات أنها راجعته ثلاث مرات، وإنما ذهب إليها بعد الثالثة.

والحامل لها ما علمت من أن حضور النبي –صلى الله عليه وسلم – فيه الخير والبركة، وأنه يتوقع أن يرفع الله ببركة دعائه وحضوره ما هي فيه وابنتها من ألم وتوجع، وقد حقق الله – تعالى – أملها ورغبتها، فشفا مريضها كما سبق.

ولا يعترض على هذا أن القدر لابد من وقوعه، فكيف يتخلف من أجل الدعاء أو غيره، فإن الله تعالى جعل لكل شيء سبباً، ورتب المسببات على أسبابها، فقدر أن هذا الشيء يقع في وقت معين مع سببه، فالدعاء المأمور به لا يلزم أن يكون قدراً مكتوباً، بل إذا أمر الله عباده بالدعاء، فمنهم من يطيعه فيستجيب له دعاءه إن شاء الله أو يمن عليه بما طلبه، فيدل ذلك على أن المعلوم لله –تعالى- المقدر له هو الدعاء والإجابة.

ومنهم من يعصي أمر الله تعالى فلا يدعو، فلا يحصل ما علق على الدعاء، فيدل على أن المعلوم لله- تعالى – المقدر: عدم الدعاء وما رتب عليه من الإجابة.

فما يحصل بالدعاء قدر الله حصوله بالدعاء لا بدونه، وهو-جل


(١) "عدة الصابرين" (ص١٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>