للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ: ((هذا جميعه كما قال ابن عقيل: إخبار عما سيقع له يوم القيامة، وليس كما قال بعضهم: إنه خاطب روحه، فإن ذلك لا يناسب قوله: ((فجمعه الله)) ؛ لأن التحريق والتفريق إنما وقع على الجسد، وهو الذي يجمع، ويعاد عند البعث)) (١) .

وأقول: ليس هناك ما يمنع أن يكون ذلك وقع، بل هذا هو الظاهر من الحديث برواياته المتعددة، وهو الظاهر من صنيع البخاري – رحمه الله -، حيث أورده في أحاديث بني إسرائيل التي وقعت لهم، وأورده في هذا الباب مستشهداً به على أن الله – تعالى – خاطب هذا الرجل، كما في سائر أحاديث الباب، فيكون الله – تعالى – قد أحياه، وخاطبه، ثم مات أخرى، كما حصل لقتيل بني إسرائيل، الذي أمر الله – تعالى – أن يضرب بجزء من البقرة فحيى.

أو تكون حياته بعد جمعه حياة برزخية، يخاطب فيها ويجيب، ويدرك ويعرف، كما خاطب الله – تعالى – والد جابر بعد ما قتل، قال النبي – صلى الله عليه وسلم – لجابر: ((ألا أبشرك عما لقي أبوك؟ إن الله كلم أباك من غير حجاب، فقال له: عبدي، سلني ... )) الحديث (٢) ، وعلى كُلِّ فقدرة الله – تعالى – صالحة لما ذكر وغيره، والله أعلم.

قوله: ((فقال: لم فعلت؟ قال: من خشيتك وأنت أعلم، فغفر له)) .

أي: لماذا أمرت أولادك بأن يحرقوك، ويذروك في يوم عاصف، نصفك في البر والنصف الآخر في البحر؟

وهذا يدل على أن من أمر بشيء، ففعل حسب أمره، أنه هو المسؤول


(١) ((الفتح)) (٦/٥٢٣) .
(٢) رواه البخاري في ((خلق أفعال العباد)) (ص٤٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>