قوله:((ثم يقول: إني سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم)) هذا أيضاً صريح في أنه تعالى يكلم عباده بذلك ممتناً عليهم بأنه قد ستر عليهم في الدنيا حيث كانوا يبارزون الله بالذنوب، فيستر عليهم مع عصيانهم له، ثم غفرها لهم في الآخرة.
فهذا الكرم العظيم، والحلم الواسع، والفضل الجزيل.
والمغفرة: هي محو الذنب ووقاية تبعته.
وعلى كل فالدلالة من هذا الحديث ظاهرة جداً، وصريحة فيما ذكره من أجله، وهو كونه تعالى يتكلم إذا شاء بما شاء، ويكلم من يشاء من عباده، إما إكراماً له، أو امتناناً عليه، أو تهديداً له وتوبيخاً، أو غير ذلك.
فمن نفى ذلك عن الله – تعالى – فقد قال خلاف قول الله ورسله وأتباعهم ممن فهم مراد الله ورسوله، وسوف يجزيه الله – تعالى – بما يستحق.
وقد جاء ما يدل على أن الله – تعالى – يكلم بعض أهل النار، كما في ((الصحيحين)) ، عن أنس، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:((يقول الله – تعالى – لأهون أهل النار عذاباً: لو كانت لك الدنيا، وما فيها، ومثلها معها، أكنت مفتدياً بها؟ فيقول: نعم، فيقول: قد أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم، أن لا تشرك بي، فأبيت إلا الشرك)) (١) .
******
(١) البخاري، انظر ((الفتح)) (٦/٣٦٣) و (١١/٤١٦) ، ومسلم (٤/٢١٦٠) .