للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يزيد في أهميتها أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – لم يذكر أنه فرض عليه في ذلك الموقف القريب إلى الله تعالى إلا الصلاة.

وقد علم موسى – صلى الله عليه وسلم – أن الله سوف يفرض عليه فروضاً، ولهذا استوقفه.

وفي ذلك بيان نصحه وشفقته على هذه الأمة، فصلاة الله وسلامه عليه وجزاه الله خير الجزاء، حيث جعله الله سبباً لتخفيف الواجب على هذه الأمة.

قوله: ((إن أمتك لا تستطيع ذلك، فارجع فليخفف عنك ربك وعنهم، فالتفت النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى جبريل كأنه يستشيره في ذلك، فأشار إليه جبريل أن نعم إن شئت)) وهذا كله بإرادة الله، فهو – جل وعلا – الذي ألهم موسى – صلى الله عليه وسلم – أن يسأل نبينا – صلى الله عليه وسلم – وأن يأمره بالرجوع إلى الله ليطلب التخفيف، فالحمد لله الذي أتم نعمته على عباده، وأظهر فضل أوليائه من رسله.

قوله: ((فعلا به إلى الجبار)) فيه دلالة صريحة واضحة على علو الله – تعالى – وأن الذي يصعد في العلو، يقرب من الله، وأن الذي في السماء أقرب إليه ممن في الأرض، وأن من في السماء السابعة أقرب إليه ممن هو تحتها، وهذا أمر فطر الله عليه عباده، لا ينكره إلا الجهمية والمعتزلة، ومن سلك نهجهم ممن اجتالتهم الشياطين فغيرت فطرهم، وزينت لهم تعطيل الله – تعالى – مما وصف به نفسه، وقد سبق الكلام في ذلك.

قوله: ((فقال وهو مكانه)) الضمير عائد إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم – أي: وهو في مكانه الذي أوحى الله إليه فيه قبل نزوله إلى موسى.

((يا رب، خفف عنا، فإن أمتي لا تستطيع هذا)) إلى آخره، استدل بهذا أهل الأصول على جواز النسخ قبل التمكن من العمل، وعلى كل ففي هذا عظيم فضل الله ومنته على عباده، حيث أمر وأوجب، ثم لطف فخفف ورحم.

قوله: ((ثم احتبسه موسى عند الخمس، فقال: يا محمد، والله، لقد راودت

<<  <  ج: ص:  >  >>