ويحتمل أن يكون المعنى: أفقت مما كنت فيه، مما خامره من مشاهدة الملأ الأعلى؛ لقوله تعالى: {لَقَد رَأىَ مِن أيَاتِ رَبّه الكُبرَىَ. (١) }
قال ابن كثير بعد ما ذكر روايات الإسراء والمعراج: ((إذا حصل الوقوف على مجموع هذه الأحاديث صحيحها، وحسنها، وضعيفها، يحصل مضمون ما اتفقت عليه من مسرى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من مكة إلى بيت المقدس، وأنه مرة واحدة، وإن اختلفت عبارات الرواة في أدائه، أو زاد بعضهم فيه، أو نقص منه، فإن الخطأ جائز على من عدا الأنبياء عليهم السلام.
ومن جعل من الناس كل رواية خالفت الأخرى مرة على حدة، فأثبت إسراءات متعددة، فقد أبعد وأغرب، وهرب إلى غير مهرب، ولم يتحصل على مطلب، وقد صرح بعض المتأخرين بأنه – صلى الله عليه وسلم – أسري به مرة من مكة إلى بيت المقدس فقط، ومرة من مكة إلى السماء فقط، ومرة إلى بيت المقدس، ومنه إلى السماء، وفرح بهذا المسلك، ورأى أنه ظفر بشيء يخلص به من الإشكالات.
وهذا بعيد جداً، ولم ينقل عن أحد من السلف.
ولو حصل هذا التعدد لأخبر به الرسول –صلى الله عليه وسلم – أمته، ولنقله الناس.
والحق أنه أسري به مرة واحدة، يقظة لا مناماً، من مكة إلى بيت المقدس راكباً البراق، فلما انتهى إلى باب المسجد، ربط الدابة عند الباب، ودخله فصلى في قبلته تحية المسجد ركعتين.
ثم أُتي بالمعراج، وهو كالسلم ذو درج يرقى فيها، فصعد فيه إلى السماء الدنيا ثم إلى بقية السماوات السبع، فتلقاه من كل سماء مقربوها، وسلم على