قال الحافظ:((هذا الخطاب غير الخطاب الذي لأهل الجنة كلهم، وهو فيما أخرجه مسلم، وأحمد، من حديث صهيب، رفعه: ((إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد: يا أهل الجنة، إن لكم موعداً عند الله، يريد أن ينجزكموه)) الحديث.
وفيه:((فيكشف الحجاب، فينظرون إليه)) ، وفيه:((فوالله ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم من النظر إليه)) (١) .
وسبق معنى: لبيك، وسعديك.
قوله:((والخير في يديك)) أي: أن الخلق لا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم نفعاً حتى تمن به عليهم، فكل خير مصدره منك، وكل شر فهو من المخلوق.
قوله:((فيقول: هل رضيتم؟)) هو جل وعلا يعلم أنهم قد رضوا، ولا يخفى عليه شيء في صدورهم، ولكن يريد تقريرهم بالمنة والفضل الذي يسديه إليهم، وكل فضل نالهم، فهو - تعالى - ابتدأهم به من غير استحقاق له، ولا حق لهم عليه بل بمحض فضله، ومنَّته، وأول ذلك أن جعلهم مسلمين، ثم يسر لهم العمل الصالح الذي كان سبباً لدخولهم الجنة، ثم ثبتهم على الهدى حتى وافوه مؤمنين، فما أعظم منَّته عليهم.
قوله:((فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك)) .
ولا يحسن أن يقولون غير هذا، وقد أعطاهم فوق ما يتصورون، فلا بد من الرضا، ولهذا لما قال:((ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟)) يقولون: وأي شيء أفضل من ذلك؟ فهم يستبعدون أن يكون شيء أفضل مما هم فيه.