للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الله من قتل مؤمن بغير حق)) (١) ، والأحاديث في هذا فيها كثرة.

والقتل مع عظمه يتفاوت، فبعضه أعظم من بعض، وأعظمه أن يقتل الرجل ولده؛ لأن الله جعل له من الشفقة، والحنو، والحب، ما لا ينكر، وأمر الله – تعالى – بمراعاة حقه، فإذا بدل مكان الإحسان الواجب له أعظم إساءة – وهي القتل – استحق على ذلك أعظم العقوبة، فكيف إذا كان الباعث على القتل خوف الفقر، وأن يشاركه في مأكله؟ فإنه ينضاف إليه بذلك جرائم أخرى.

قوله: ((قلت: ثم أي؟ قال: ثم أن تزاني بحليلة جارك)) ، الزنا جريمة نكراء، ويتفاوت جرمه حسب قرب المزني بها وبعهدها عنه، وحسب الحقوق التي تجب مراعاتها أكثر في الشرع.

فإذا كانت ذات قرابة من جهة النسب فالزنا بها أعظم، وكذلك إذا كانت زوجة قريب منه، أو زوجة من له حق الجوار، فإن جريمة ذلك أعظم مما لو زنا بمن هي بعيدة عنه قرابة وجواراً.

قوله: ((أن تزاني)) يدل على المفاعلة، ومعنى ذلك أن تطاوعه المرأة على الفاحشة، وفي ذلك دليل على أنها إذا لم تطاوعه فالذنب أعظم.

والحليلة: هي التي يحل وطؤها، وتحل معه في فراش واحد.

والشاهد من الحديث قوله: ((أن تجعل لله نداًً وهو خلقك)) .

فالإنسان هو الذي يجعل الند، ويفعل ذا حقيقة، فهو فعله الذي يباشره ويقوم به، ويتصف به، فإذا فعل ذلك فهو المشرك، ولذلك استحق العذاب العظيم، وأضيف إليه الذنب؛ لأنه صدر منه.


(١) رواه ابن ماجه في ((السنن)) (٢/٨٧٤) رقم (٢٦١٩) ، قال المنذري: إسناده حسن، ورواه النسائي رقم (٣٩٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>