فالقراءة لا تكون إلا من الناس، وقد تكلم الله بالقرآن من قبل، وكلامه قبل خلقه.
وسئل النبي – صلى الله عليه وسلم -: أي الصلاة أفضل؟ قال:((طول القنوت)) فذكر النبي – صلى الله عليه وسلم – أن بعض الصلاة أطول من بعض، وأخف، وأن بعضهم يزيد على بعض في القراءة، وبعضهم ينقص، وليس في القرآن: زيادة ولا نقصان، فأما التلاوة فإنهم يتفاضلون في الكثرة والقلة والزيادة والنقصان.
وقد يقال: فلان حسن القراءة، ورديء القراءة، ولا يقال: حسن القرآن، ورديء القرآن.
وإنما نسب إلى العباد القراءة، لا القرآن؛ لأن القرآن كلام الرب جل ذكره.
والقراءة فعل العبد، لا يخفى معرفة هذا القدر إلا على من أعمى الله قلبه، ولم يوفقه، ولم يهده سبيل الرشاد.
وليس لأحد أن يشرع في أمر الله – عز وجل – بغير علم، كما زعم بعضهم: أن القرآن بألفاظنا، وألفاظنا به شيء واحد، التلاوة هي المتلو، والقراءة هي المقروء.
فقيل له: إن التلاوة فعل التالي، وعمل القارئ فرجع، وقال: ظنتهما مصدرين.
فقيل له: هلا أمسكت، كما أمسك كثير من أصحابك؟ ولو بعثت إلى من كتب عنك، فاسترددت ما أثبت، وضربت عليه؟
فزعم أن كيف يمكن هذا وقد قلتُ، ومضى؟
فقيل له: كيف جاز لك أن تقول في الله – عز وجل – شيئاً لا يقوم به شرح وبيان، إذ لم تميز بين التلاوة والمتلو؟