فلما نهاه ربه تعالى عن ذلك الفعل، وأخبره أنه سوف يثبته في صدره، وإنما عليه أن يستمع إلى جبريل، وأن الله يتولى جمعه في صدر النبي – صلى الله عليه وسلم – وحفظه، ترك ما كان يفعله، وهذا من الحفظ للقرآن الذي أخبر تعالى أنه يحفظه، كما قال تعالى:{إِنَّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِكرَ وإِنَّا لَهُ لحَافِظُونَ} .
فكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يستمع إلى جبريل، فإذا انتهى قرأه النبي – صلى الله عليه وسلم – كما قرأه جبريل.
قوله:((لتعجل به)) أي: إن تحريكه لسانه به ليتعجل بحفظه خوفاً من فواته عليه أو نسيانه، فقال الله – تعالى -: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} قال ابن عباس: في صدرك، ثم تقرؤه كما كان جبريل يقرؤه.
قوله:{وَقُرْآنَهُ} يعني: قراءته، والمقصود قراءة جبريل له، وبهذا سميت القراءة قرآناً.
قوله:{فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} أي: إذا قرأه عليك جبريل الذي أمره الله بذلك، فاتبع قراءته، فإسناد الفعل إلى ضمير المتكلم المعظم، الذي هو الله – تعالى -؛ لأنه - جل وعلا - هو الآمر، وهو المتكلم به، وجبريل رسوله إلى محمد – صلى الله عليه وسلم -، والرسول يبلغ رسالة من أرسله.
قال في ((خلق أفعال العباد)) ((حدثنا عبيد الله بن موسى، وذكر سنده إلى سعيد ابن جبير أنه سئل عن قوله تعالى:{لاَ تُحرِك بِهِ لِسَانَكَ} ؟ فقال: قال ابن عباس: كان يحرك لسانه إذا نزل عليه، فقيل:{لاَ تُحرِك بِهِ لِسَانَكَ} يخشى أن يتفلت، ثم {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ} أي: جمعه في صدرك {وَقُرْآنَه ُ} أن تقرأه {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} يقول: أنزل عليه، {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ {} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَه} أن نثبته على لسانك)) (١) وفي رواية: ((قال: