ذلك قطٌّ، بل هى أوهام جمعتها في أثناء بحثى وكنت أدونها عندى لأستفيدها إن جائت مناسبة لها، ولم يخطر ببالى أن أجمعها فى كتابٍ.
وإذا كان الخطأ من سمات بنى آدم، فأنا أولى به من كل من سميته فى كتابى هذا، ولا أبرئ نفسى من العثرة والذلة، ولكنى اجتهدت فى تحرى الحقِّ، ودرجت فى كل تعقباتى على ذكر عبارة ((رضى الله عنك)) إشارة إلى من تعقبته، لأعطى الناشئة مثلا فى التأدب مع العلماء، فإذا أخطأ الواحد منهم فقد أصاب أجراً واحداً، و? ما على المحسنين من سبيل ?، فكيف يلام من أصاب أجراً؟!
وهناك أمر آخر مهم نبهت عليه قبل ذلك فى كتابى ((بذل الإحسان بتقريب سنن النسائى أبى عبد الرحمن)) رددت به فرية لبعض الناس الذين ينكرون تعقب العلماء فى غلطاتهم ويعدونها غيبةً محرمةً.
وأرى من تمام الفائدة أن أذكر ما قلتُه هناك (٢ / ٦ - ٩) :
((ولو كان تبيين الخطأ من الصواب، يعد لونًا من الاغتياب، فلا نعلم أحداً من الناس إلا جانفه، وارتكبه وقارفه، وإنما هذا مذهب لبعض الخاملين، فهو بالرد قمينٌ، فإن مناقشة العلماء من السالفين أو المعاصرين فى بعض ما ذهبوا إليه ليس حطًّا عليهم، فضلَاّ عن أن يكون غيبةً محرمةً، وكيف يكون تعقبنا لكبراء شيوخنا وأئمتنا، وعلماء سلفنا طعنا عليهم وبهم ذكرنا، وبشعاعِ ضيائهم تبصرنا، وباقتفاء واضح رسومهم تميزنا، وبسلوك سبيلهم عن الهمج تحيزنا، بل من أنعم النظر وأعمل الفكر، وجد أن بيان ما أهملوا، وتسديد ما أغفلوا هو غاية الإحسان إليهم، فإن هؤلاء الأئمة يوم وضعوا الكتب، أو تكلموا فى العلم، إنما كانوا يريدون بيان وجه الحق، فإذا أخطأ الواحد منهم، كان هذا نقيض ما أحب وقصد، فالتنبيه على خطئه من أجل إعادة الأمر