للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

العمل في الدنيا إلا الإحسان إليه غي الآخرة.

وما أجمل فول القائل: ليس هناك حمل أثقل من البر، من برًكَ فقد اوثقك، ومن جفاك فقد أطلقك. فإن أردت إسترقاق إنسان، فأحسن إليه، فيكون ذلك مانعا إياه أن يوصل السيئة إليك.

ومما يدلُّك علي صحة ما أقول من أن محبة الإحسان، والخضوع لأهله مركوزٌ في فطر الناس، حتي الكافر، ما أخرجه البخاري (٥/٣٢٩-٣٣٣) ، وأحمد (٤/٣٢٤، ٣٢٩) وغيرهما من حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنه، وذكر حديثه في ((صلح الحديبية)) وفيه:

((فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثقفي، فَقَالَ: أَيْ قَوْمِ أَلَسْتُمْ بِالْوَالِدِ؟ قَالُوا: بَلَى،

قَالَ: أَوَلَسْتُ بِالْوَلَدِ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَهَلْ تَتَّهِمُونِي؟ قَالُوا: لا، قَالَ: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُكَاظَ، فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَيَّ جِئْتُكُمْ بِأَهْلِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَإِنَّ هَذَا قَدْ عَرَضَ لَكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، اقْبَلُوهَا وَدَعُونِي آتِهِ. قَالُوا: ائْتِهِ. فَأَتَاهُ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ (١) ، فَقَالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذَلِكَ: أَيْ مُحَمَّدُ! أَرَأَيْتَ إِنِ اسْتَأْصَلْتَ أَمْرَ قَوْمِكَ، هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ اجْتَاحَ أَهْلَهُ قَبْلَكَ؟ وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى فَإِنِّي - وَاللَّهِ! - لا أرَى وُجُوهًا، وَإِنِّي لأَرَى أَشَوابًا- وفي رواية: أوباشا - مِنَ النَّاسِ، خَلِيقًا أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ.


(١) قال النبي صلي الله عليه وسلم لبديل بن ورقاء الخزاعي: ((إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ، وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ وَأَضَرَّتْ بِهِمْ، فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ أَظْهَرْ فَإِنْ شَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا وَإِلا فَقَدْ جَمُّوا، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، وَلَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أَمْرَهُ)) فَقَالَ بُدَيْلٌ: سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>