وقد يُسعف الوحي أو يفيض الإلهام بشيء من ذلك فنجده أخصر طريق إلى الكمال فيه.
وأما الصنف الذي يخدم المجتمع الإنسان فللتقدم والرقي فيه سبيلان:
السبيل الأول: التلقي التعلمي عن طريق الوحي، وذلك في كل ما تكفلت الشرائع الربانية ببيانه، ولا يعدل عن ذلك إلا متنكب سواء السبيل.
السبيل الثاني: استخدام العقل في البحث العلمي والاختبار والتجربة والممارسة التطبيقية العملية، مع الملاحظة الدقيقة لجواجب الخطأ والنقص، وما يستدعيه الكمال.
وأما الصنف الذي يأخذ بيد الناس إلى السعادة الخالدة، وهو المشتمل على المعتقدات والواجبات الدينية، وسائر التكاليف والآداب الشرعية التعبدية فالسبيل إلى تحقيق التقدم والرقي فيه إنما يكون بالتلقي التعليمي عن طريق الوحي فقط.
وبدهي أن تلقي ما يأتي به الوحي وينطق به الرسل عليهم الصلاة والسلام لا بد أن يرافقه إعمال العقل في التأمل، والتدبر، والفهم الصحيح، والتحليل والتركيب، والاستنباط، وقياس الأشباه والنظائر بعضها على بعض، ولا بد أن يرافقه أيضًا إعمال العقل في التحقق والتثبت من سلامة النصوص من التحريف والتبديل، بحثًا في الرواية، ونظرًا في صحة المعنى.
ترتيب الأصناف الثلاثة:
بالنظر إلى الثمرات التي يجنيها الإنسان من كل صنف من أصناف التقدم والرقي السابقة لا بد أن نلاحظ أن سلم الرقي مرتب الدرجات بشكل صاعد، بدءًا من الصنف الأول الذي يخدم الجسد الفانين وارتقاء إلى الصنف الثاني الذي يخدم المجتمع الإنسان، ثم إلى الصنف الثالث الذي تنضوي تحته أسباب