كان للعرب قبل الإسلام، ثم للمسلمين عناية بالغة بأنواع الحيوانات وأصنافها، من ذوات النفع من لحومها، أو ألبانها، أو أصوافها، أو أوبارها، أو أشعارها، أو ريشها، أو بيضها، أو ركوبها وحمل الأثقال عليها، أو الكر والفر على ظهورها، أو استخدامها في الصيد، أو في غير ذلك من المنافع.
وكان لهم اهتمام شديد بتربيتها، وتحديد صفاتها، وتسمية أنواعها وأصنافها، ووضع أسماء اجزائها الظاهرة والباطنة.
واهتموا أيضًا بالحيوانات الوحشية، وبالتعرف عليها وعلى صفاتها وخصائصها، والاستفادة من بعضها في العلاجات والاستخدامات الدوائية، ونجد ذكرًا لها وللمنافع التي تتصل بها في كتب المفردات الدوائية.
واشتملت كتب المسلمين التي تحدثت عن بعض الحيوانات، كالإبل والبقر والغنم والخيل، وكتبهم التي تحدثت عن الحيوانات، بصفة عامة، ككتاب "الحيوان" للجاحظ على ذكر ما يتعلق بكل حيوان على حدة، ونجد في وصف كل حيوان كتب عنه المسلمون ما اجتمع لديهم من معلومات موروثة عن العرب قبل الإسلام، وعن العرب المسلمين، وما توصل إليه الكاتبون بملاحظاتهم وتجرباتهم الخاصة، وما اطلعوا عليه من معلومات وصلت إليهم من الشعوب المختلفة التي دخلت في الإسلام كلها أو جلها أو بعضها، ومعلومات نقلوها من مؤلفات الأمم السابقة التي لها مؤلفات في الحيوانات، كاليونان، والفرس، والهنود وغيرها.
ثم ما اكتشفه المسلمون عبر التاريخ الإسلامي من صفات وخصائص الحيوانات الداجنة وغير الداجنة، وحيوانات الصحاري والقفار والجبال والغابات والأنفاق.
وقد اجتمع لدى المسلمين ثروة علمية وعملية عظيمة في هذا المجال.
ومما لا شك فيه أن الغربيين في نهضتهم الحضارية قد استفادوا من هذه الثروة التي تجمعت لدى المسلمين، ثم بنوا عليها انطلاقتهم الحضارية العلمية والعملية في هذا المجال.
وبناء على ما استفاده الغربيون من المنهج التجريبي الذي تعلموه من المسلمين في العلوم الكونية النظرية والتطبيقية، فقد انفتحت أمامهم آفاق علم