اهتم المسلمون بالإنشاءات العمرانية العظيمة، في كل البلدان التي فتحها الله لهم، في الشام، والعراق، ومصر، وبلاد فارس، وبلاد المغرب حتى أقصى الأندلس، وفي أفغانستان، والهند والسند وفي سائر بلدانهم في الشرق.
ومن منشآتهم الحضارية العظيمة تخطيط المدن وإقامتها. وبناء المساجد والمدارس والقصور ودور السكن، وبناء القلاع والحصون والمعسكرات، وإنشاء الأسواق التجارية المظللة المغلقة المحفوظة بالأبواب والحراس، وتعبيد الطرقات ورصفها، وإنشاء الجسور والقناطر، وإنشاء الأبراج للمراقبة، وإنشاء المنارات البحرية للسفن، وإنشاء قنوات الماء والقساطل التي تجري فيها المياه إلى المنازل والمساجد، حتى صارت المدن التي طال حكم المسلمين فيها في مشارق الأرض ومغاربها مقصدًا لمتتبعي الآثار العمرانية العظيمة، لتصويرها، والتعريف بعظمتها، وبيان تفوق مهندسيها في الإتقان الهندسي، وإتقان بنائها العمراني ولدراسة الفنون المعمارية فيها.
ولا يزال متتبعو الآثار والسائحون ينبهرون وتأخذهم الدهشة من عظمة آثار المسلمين العمرانية، وما احتوت عليه من زخرفيات وجماليات بديعات رائعات، كالمقرنسات١، والمدليات ذوات الإتقانات الهندسية الرائعة، وكالفسيفساء التي تزين رسومها البديعة المدهشة المسطحات الداخلية للمباني، سواء كانت مستويات أو منحنيات أو مكورات أو مجوفات أو مقوسات.
١ قرنس البيت: أي زيّنه بخوارج منه ذات تدريج متناسب، فهو مقرنس.