[المقولة الأولى: تعريف بالجدال بالتي هي أحسن وبيان لطائفة من قواعده العامة]
التعريف:
الأصل في الرسالة الإسلامية أن تكون بعيدة عن الجدال، ولكن قد تدعو الضرورة إلى استخدامه وسيلة من وسائل الإقناع، وإثبات الحق الذي تنادي به أسس الحضارة الإسلامية، والتعريف بالخير والشر، والفضيلة والرذيلة، وحينما تدعو الضرورة إلى استخدامه يجب أن يكون جدالًا بالتي هي أحسن.
وللجدال بالتي هي أحسن شروط وقواعد وأصول يجب إتباعها، صيانة للجدال بالحق عن أن يتحول إلى مماراة بعيدة عن نشدان الحقيقة، أو إلى مشاحنات أنانية، ومشاتمات، ومغالطات، ونحو ذلك مما يفسد القلوب، ويهيج النفوس، ويورث التعصب، ولا يوصف إلى حق.
الجدال في الأصل هو حوار كلامي يتفهم فيه كل طرف من الفريقين المتحاورين وجهة نظر الطرف الآخر، ويعرض فيه كل طرف منهما أدلته التي رجحت لديه استمساكه بوجهة نظره، ثم يأخذ بتبصر الحقيقة من خلال الانتقادات التي يوجهها الطرف الآخر على أدلته، أو من خلال الأدلة التي ينير له بها بعض النقاط التي كانت غامضة عليه.
وهدف الجدال بالتي هي أحسن تعاون الفريقين المتناظرين على معرفة الحقيقة بتبصير كل منهما صاحبه بالأماكن المظلمة عليه، والتي خفيت عليه حينما أخذ ينظر باحثًا عن الحقيقة، وذلك حينما لا يكون أحدهما واقفًا على الحقيقة البينة وقوفًا قطعيًّا غير قابل للنقض، أما في هذه الحالة فإن هدف الجدال بالتي هي أحسن إنما هو تبصير الواقف على الحقيقة أخاه المناظر له بها، والأخذ بيده في طرق الاستدلال الصحيح لإبلاغه وجه الحق المشرق، وذلك