لا غرو أن التربية من وسائل بناء الحضارة الإسلامية بناء واقعيًّا على أسسها الفكرية الراسخة.
والتربية العامة تكون بالدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، واستمالة الأنفس بالترغيب بمحابها الخيرة، وبالترهيب مما تكره من شر أو ضر أو أذى.
الشرح:
لو أن الإنسان كائن عديم الفكر والإرادة والدوافع والميول الذاتية ومطالب الأنفس، لكان من الممكن تسخيره وتوجيهه بالقوى المكافئة لقواه الجسدية، دون أن يقف فيه شيء موقف العناد والمعارضة، أو موقف الطلب وإملاء الشروط، لكنه كائن عجيب التركيب.
ففيه الفكر المؤهل لمعرفة الحقائق واستنباط غوامض الأمور.
وفيه الدوافع والميول التي تحرضه على أنواع خاصة من السلوك لتحقيق مجموعة من المطالب النفسية المادية والمعنوية.
ومن أجل ذلك كان انتظامه في سلك بناة الحضارة المجيدة انتظامًا طوعيًّا يتطلب شحن فكره وإرادته ودوافعه وأنواع ميوله الذاتية بقوى معنوية تجعله يستجيب لهذا الانتظام استجابة ذاتية، ويُسهم بنصيب من العمل في بناء صرح