للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحضارة المجيدة، لا مسخرًا تسخيرًا فاقد الإرادة، بقوة خارجة عنه أو داخلة فيه.

أما شحن فكره وإرادته ودوافعه وأنواع ميوله الذاتية بالقوى المعنوية التي تجعله يستجيب للانتظام في سلك بناة صرح الحضارة المجيدة استجابة ذاتية فأمر من أمور التربية العليا، ذات المسالك المختلفة، التي يجب أن تلاحظ فيها النصائح والوصايا التربوية المستندة إلى حصائل الدراسات النفسية المختلفة، وقد أرشد الإسلام إليها، منبهًا على كلياتها الكبرى وهي:

أولًا: الدعوة بالحكمة.

ثانيًا: الدعوة بالموعظة الحسنة.

ثالثًا: استمالة الأنفس بالترغيب بمحابها الخيرة، وبالترهيب مما تكره من شر أو ضر أو أذى.

ولنعالج هذه الكليات الثلاث بشيء من التفصيل، مستهدين بما جاء في مصادر الحضارة الإسلامية.

الدعوة بالحكمة:

أما الدعوة بالحكمة فهي التربية التي تعتمد على وسائل الإقناع الفكري المنطقي الحكيم، بالحجج والبراهين المثبتة للحقائق، وتكون الحكمة باتخاذ الأساليب الملائمة للحالة الفكرية والنفسية التي عليها الذين توجه لهم التربية.

وللمربين في هذا المجال أصول وقواعد استخلصوها من تجارب الحياة، ومن الدراسات النفسية والنظرية والتطبيقية، ونلاحظ أن الإسلام يدعو إليها بشكل عام، ويعرض طائفة من جزئياتها، كما أنه لم يفته أن يقدم لنا من أمثلتها نماذج رفيعة قام بها النخبة الممتازة من الدعاة إلى الله، وهم الرسل عليهم الصلاة والسلام، ونماذج أخرى قام بها بعض المربين الذين تخرجوا في مدارس الدعوة التي أسسها الرسل، كالنموذج التربوي الذي قصه لنا القرآن عن الحكيم لقمان في موعظته لابنه، قال الله تعالى في سورة "لقمان: ٣١ مصحف/ ٥٧ نزول":

<<  <   >  >>