[المقولة السادسة: فلسفة الإسلام فيما يجري به القضاء والقدر من نعم ومصائب]
لدى التأمل فيما يجري به القضاء من نعم ومصائب في الحياة الدنيا نلاحظ أنها أمور أقتضتها حكمة الخالق العظيم في عالم الابتلاء. وعالم الابتلاء هو الطريق الحتمي لعالم الجزاء.
فألوان النعم التي يسميها الناس خيرًا، وألوان المصائب التي يسميها الناس شرًّا مما لا دخل لإرادة الإنسان فيه، لا تغدو أنها مظاهر تكمن فيها حكمة الخالق العظيم، فليس شيء من المصائب الربانية لدى التحقيق بشر لذاته، وإن كان يسمى في مفهوم الناس شرًّا نظرًا إلى صورته الظاهرة فقط، كما يُسمي قصير النظر من المرضى عمل الطبيب الجراح الناصح شرًّا، متى شعر بالألم من عمله، وكما يسمي الطفل وسائل التربية الحازمة التي يربيه بها أبوه العقال العالم الناصح شرًّا، إذا آلمه في شيء، أو حجر على هوى من أهوائه الجانحة عن سبيل الرشاد، وكما يسمي الطالب قصير النظر وفرة ما يقدم له من مغارف متعلقة بمادة مقررة عليه شرًّا، ويسمي صور الامتحان المختلفة التي يمتحنه بها مدرسه الناصح الأمين ليكتشف بها مدى معرفته شرًّا كذلك، وكما يسمي شدة ملاحظة المراقبين له شرًّا، مع العلم بأن هذه الأمور كلها هي في الحقيقة خير وليس شيء منها بشر. ونظيرها المصائب التي يمتحن الله بها عباده، ومكاره كثيرة من مكاره