[الفصل الثالث: أثر القرآن والسنة في ابتكار كثير من العلوم الإسلامية]
الإيمان بالقرآن والسنة دفع المؤمنين إلى ابتكار علوم كثيرة:
آمن المسلمون الصادقون بأن القرآن المجيد كلام الله المنزل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وبأن الثابت من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وسائر سنته، إما بيان لما جاء في القرآن، أو علم آتاه الله رسوله هو حق وصدق، أو هدي فيه حكمة ورشد وصلاح للعالمين.
وتفرع عن إيمان المسلمين الصادقين بهذا إيمانهم بعدة حقائق كبرى، منها الحقائق التالية:
الحقيقة الأولى: أن الله أنزل كتابه القرآن بلسان عربي مبين، ضمن قواعد لسان العرب، وأساليبهم البيانية، وطرقهم الكلامية التي كانت سائدة بينهم إبان نزول القرآن على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فبها يتخاطبون، وعلى وفق أسالبيها وارقي تعبيراتها البيانية يجودون ويحسنون في شعرهم، ونثرهم، وأمثالهم، وسائر آدابهم، وأن هذا القرآن معجز في بيانه، وقد تحدى الله فصحاء العرب وبلغاءهم أن يأتوا بمثله في روائع بيانه فعجزوا.
وإيمان المسلمين بهذه الحقيقة، مع تخوفهم على لسان الأمة العربي من الفساد باختلاطهم الكثير بغير العرب، دفع نوابغهم لضبط اللغة العربية، وتقعيد قواعدها، ورسم قوانينها وأساليبها، أخذًا من واقعها العربي الصافي، الذي لم تعكره الشوائب.