[المقولة الأولى: البيعة وواجبات الحاكم والمحكوم]
إن إقامة الحكم الإسلامي لا تتم إلا بشرطين أساسيين:
أحدها: يكون عند بدء إقامته، وهي البيعة.
وثانيهما: يلازم قيامه وهو عدل صاحب الأمر ونصحه لرعيته، وطاعة المسلمين له فيما لا معصية لله فيه، ونصحهم له.
وقد اختار الإسلام أن يبدأ الحكم الإسلامي بالبيعة الكبرى المسبوقة بالشورى، والبيعة الكبرى التزام مشترك بين جمهور المسلمين وبين من اختاروه ليكون صاحب الأمر فيهم، والمطلع بمهام الخلافة الكبرى.
وهذه البيعة في الإسلام تتضمن بالدرجة الأولى التزام كل من الطرفين جمهور المسلمين وصاحب الأمر منهم، بأسس الشريعة الإسلامية، وبأحكام فروعها، وتتضمن بالدرجة الثانية التزام جمهور المبايعين من المسلمين بالطاعة لأميرهم في كل أمر أو نهي لا معصية لله فيه، مع نصحهم له.
ولما كان قيام الحكم الإسلامي ضرورة حتمية لإقامة المجتمع المسلم والدولة المسلمة على الوجه الصحيح.
ولما كانت الوسيلة المختارة في الإسلام لإقامة هذا الحكم هي البيعة.
كان حكم البيعة في الإسلام من واجبات كل مسلم مكلف ذكرًا كان أو أنثى.
فعن ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من خلع يدًا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية، ومن مات وهو مفارق للجماعة فإنه يموت ميتة جاهلية". رواه مسلم.
ونظرًا إلى أهمية البيعة في الإسلام قال الله تعالى في سورة "الفتح: ٤٨ مصحف/ ١١١ نزول":
{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} .
فقد أعلن الله تبارك وتعالى في هذه الآية أن مبايعة المؤمنين للرسول صلى الله عليه وسلم إنما هي مبايعة لله؛ لأن أهم شطر فيها إنما هو التزام كل من جمهور المؤمنين وولي أمرهم، بأسس الإسلام وأحكامه وتعاليمه، ولذلك كانت يد الله فوق