في الواقع الإنساني القائم على التصارع بين حملة رسالة حضارية عالمية شاملة أساسها الحق والخير، وبين أحزاب وفرق شتى ذات أنانيات ضيقة يوجهها الباطل والشر، تدعو الضرورة إلى اتخاذ وسيلة القتال في سبيل الله، وذلك ليتسنى لحملة رسالة الحضارة الإسلامية العمل على بنائها بناء واقعيًّا على أسسها الفكرية الراسخة، وإلا لم يترك لهم الهدامون المنتشرون في طول الأرض وعرضها فرصة لإقامة بنائهم الحضاري المجيد.
ويكون الجهاد بالقتال في سبيل الله بإعداد واستخدام القوة المادية، وذلك لإرهاب أعداء الله، ومقاومة شرورهم، ضمن قواعد السياسة الخارجية الإسلامية.
وينظر المسلمون إلى مخالفيهم نظرة شفقة ورحمة، ما لم يمارس هؤلاء المخالفون عداوتهم بشكل عملي.
والمخالفون في نظر بناء الحضارة الإسلامية جاهلون ومرضى، والرسالة الخيرة التي يحملها العلماء الأصحاء إنما هي تعليم الجاهلين، وتطبيب المرضى، ومساعدتهم، والرفق بهم، والأخذ بأيديهم في طريق الصحة والسلامة الفكرية والقلبية والنفسية والجسدية.
فإذا لم تجد الوسائل الهينة اللينة، والبيانية والتربوية على اختلاف صورها وأشكالها الترغيبية والترهيبية، لإصلاح نفوس أعداء رسالة الحضارة الإسلامية، أو تجميد عداوتهم، وهدم أحاقدهم، وصرفهم عن مكايدهم ضد الإسلام