والمسلمين، فإن الضرورة قد تدعو بناه هذه الحضارة أن يلجئوا إلى وسائل أخرى تترقى فيه أساليب العنف شيئًا فشيئًا، مع ضبط النفس، وعدم اتباع الهوى، ومع الرغبة الملحة بالانتصار للحق فقط، دون أن تتدخل عوامل نفسية أخرى.
وقد يغدو فريق من مخالفي رسالة الحضارة الإسلامية أعداء معلنين عداواتهم، متربصين بالمسلمين، أو شاهري أسلحتهم في وجوههم، وفي مواجهة هؤلاء يجد حملة رسالة الحضارة الإسلامية أنفسهم أمام أمر لا زب لا مناص منه، يفرض عليهم أن يكونوا مدافعين، أو مهاجمين بما لديهم من قوى مادية ومعنوية.
وأمام هذا الأمر الذي لا مفر منه في الواقع الإنساني، فإن من واجب حملة رسالة الحضارة الإسلامية أن يتخذوا وسائل الدفاع الكافية، والمبادهة في بعض الأحيان قبل المباغتة، مع التزام شروط رسالتهم الربانية، التي يطلعون بمهمتها، ويكون ذلك بأمرين:
الأمر الأول: إعداد القوة التي تربو على قوة العدو، من مال، وسلاح، ورجال، وخبرات، ومعارف، وحصون، وغير ذلك، قال تعالى في سورة "الأنفال: ٨/ مصحف/ ٨٨ نزول":
الأمر الثاني: القتال لإعلاء كلمة الله، مع التأكيد على أن القتال وسيلة تكون في آخر الأمر، حينما لا تجدي الوسائل الأخرى من دونه، وحينما يصبح حملة رسالة الحضارة الإسلامية تحت الخطر المداهم، أو هدفًا للخطر المستوفز أو المتربص من قبل أعدائهم.
وحينما تُلجئ الضرورة إلى سلوك سبيل القتال، فإن القتال يستدعي الجود بالنفس، والجود بالنفس أقصى غاية الجود. ولذلك كان لمن يجود بنفسه في هذا السبيل حظ الشهادة في سبيل الله، وكان للمقاتل في هذا السبيل من الضمان