ويتمثل انفتاح الحدود المادية في أسس الحضارة الإسلامية بأمرين:
الأمر الأول: أن ميادين نشاطها غير محدودة ضمن رقعات إقليمية من الأرض.
الأمر الثاني: أن ميادين نشاطها غير محدودة في طائفة خاصة من مجالات الحياة.
أما الأمر الأول، وهو أن ميادين نشاطها غير محدودة ضمن رقعات إقليمية من الأرض، فيظهر جليًّا في اعتقاد المسلم أن الأرض لله، يورثها من يشاء من عباده الصالحين، فكل أرض من أرض الله الواسعة صالحة لأن يقيم عليها المسلمون حضارتهم، ولأن يكونوا وارثيها الصالحين، وكل أرض من أرض الله الواسعة يتيسر فيها إقامة الحضارة الإسلامية على وجهها الصحيح، فهي الوطن المفضل عنه المسلمين، وكل أرض لا يستطيع المسلمون إقامة حضارتهم الإسلامية فيها بعد بذل ما لديهم من جهد إنساني، ثم يتيسر لهم خير منها لإقامة هذه الحضارة فإن أسس الإسلام الحضارية تدعوهم أن يهاجروا منها إلى ما هو خير.
فهذا النص يوجب الهجرة على الذين تضطرهم إقامتهم في بلادهم إلى مخالفة أوامر الله، والوقوع في معاصيه، الأمر الذي يكونون به ظالمين لأنفسهم ويستثنى هذا النص المستضعفين الذين لا يستطيعون حيلة تمكنهم من