كانت شعوب الأمة الإسلامية في ظل إدارات الحكام المسلمين تعيش في تكامل اقتصادي، من كل أنواع مطالب الحياة، وكان التجار المسلمون ينقلون سلعهم التجارية من أقصى بلدان عالم المسلمين إلى أقصاها، شرقًا وغربًا وجنوبًا وشمالًا.
وكانت علاقات المسلمين التجارية مع الشعوب الأخرى غير المحاربة علاقات جيدات استيرادًا وتصديرًا.
وحينما كانت تتعرض بعض بلدان المسلمين لضائقات اقتصادية بأسباب طبيعية، أو اعتداءات من شعوب غير مسلمة، كان أهلها يجدون ملاذًا في بلدان أخرى من بلدان عالم المسلمين، يفرجون فيها عن ضائقاتهم، بسبب شعور جميع المسلمين بالوحدة الإسلامية المتكافلة المتضامنة.
وكان لتطبيق فريضة الزكاة أثره العظيم في سد ضرورات ذوي الضرورات، وحاجات ذوي الحاجات.
وكان للصدقات والمبرات غير الواجبة أثرها العظيم أيضًا في توثيق الصلات بين المسلمين، ورفع مستوى معيشة متوسطي الحال الذين لا يدخلون ضمن الأصناف الثمانية الذين تصرف إليهم الزكاة.
وكان للأوقاف الخيرية أثرها العظيم أيضًا في تأسيس مؤسسات اجتماعية ذوات خدمات علمية وعملية جليلة، وهي تحتوي على عاملين مأجورين، وعلى مكفوليين بمعيشة حسنة.
وكان الأمن العام بالأخلاق الإسلامية السائدة في مجتمعات المسلمين، وبسلطة الإدارة الحازمة ورقابتها الدائمة، مع تطبيق أحكام الفقه الإسلامي في المعاملات المالية، وقناعة الناس في تجاراتهم ومكاسبهم، وبعدهم عن الغش والاحتكار والغبن الفاحش، وبعدهم عن التعامل بما لم يأذن به الإسلام، من الأسباب التي هيأت للمسلمين مجتمع الكفاية والعدل، في معظم الأحوال وقللت من الفوارق الفاحشة بين الأغنياء، ومتوسطي الأحوال، والفقراء، وجعلت الإخاء العام بين هؤلاء هو الرباط الجامع لهم.