للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المقولة الثانية: نشأة علم الجغرافية والتدوين فيه لدى المسلمين]

...

المقولة الثانية: نشأة علم الجغرافية والتدوين فيها لدى المسلمين

الجغرافيون هم مؤرخون إلا أنهم وجهوا اهتمامًا خاصًّا وعناية متميزة لوصف الأرض، وأقسامها، وأقاليمها، وبحرها، ويابسها، وجبالها، ووديانها، وطرقها، وأنهارها، ومناخات أجزائها، ومدنها، وقراها، ومنازلها، وسهولها، وغاباتها، وباديتها، وعامرها، وغامرها، وآثارها، وأعلامها، ومعالمها، ومقادير الطول والعرض لأجزائها، والأعلام فيها، وسكانها، ولغاتهم، وعادتهم، ومصادر ثرواتهم ومعايشهم، وطرائق عيشهم ومعاملاتهم، وصلاتهم، وسلمهم وحربهم، وكل ما يفهم الباحثين معرفته من الأرض ومن عليها وما عليها وما فيها.

فمن المعروف أن علمي التاريخ والجغرافية صنوان لا يفترقان، وفرعان من شجرة واحدة، فالمؤرخ لا يكون متمكنًا في التاريخ إلا إذا كان لديه علم بالجغرافية، والجغرافي لا بد له من اطلاع واسع على التاريخ.

وقد اعتمد المؤسسون الجغرافيون من المسلمين في معرفة أماكن الأرض وما عليها ووصفها على الرحلات, والمشاهدات البصرية لها، وعلى دراساتهم الميدانية المباشرة، ولم يعتمدوا على النقل من مكتوبات الأمم السابقة لهم كالإغريق والفرس والروم والهنود.

وكان للمسلمين ابتكاراتهم الخاصة في رسم الخرائط التي كانوا يسمونها رسومًا وصورًا.

والجغرافي المتمكن "د. حسين مؤنس" في كتابه الكبير "أطلس تاريخ الإسلام" يرفض بشدة الزعم الشائع بين الناس الذي يرى أن المسلمين أخذوا فن الخرائط عن الإغريق، وأن خرائطهم قامت على أساس خرائط بطليموس الإسكندري المتوفى في القرن المسيحي الثاني.

ويرى أن الخرائط الإسلامية الأصلية هي خرائط البلدانيين والمسالكيين

<<  <   >  >>