أما إندونسيا، فلم تفتحها جيوش عسكرية محاربة، وإنما نشر الإسلام فيها علماء فضلاء تجار دعاة إلى الله من بلاد حضرموت، وكان نشرهم للإسلام فيها مع تعاطيهم الأعمال التجارية قائمًا على ما يلي:
الأول: القدوة الحسنة، التي حببت الشعب الإندونسي بالإسلام، تأثرًا بالمسلمين الذين قدموا أحسن صورة تطبيقية للأخلاق والآداب والتعليمات الإسلامية، في أخلاقهم ومعاملاتهم وسائر أنواع سلوكهم.
الثاني: الإقناع الفكري بأن الإسلام حق منزل من عند الله خالق الوجود جل جلاله، على رسوله الذي اجتباه واصطفاه من قريش، هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
الثالث: التعليم الذي يبدأ بشخص واحد، ثم يكون حلقة، ثم يكون جمهورًا كبيرًا.
والشعب الأندنوسي لديه استعداد كبير لتلقي العلم، وأدب جم، واحترام فائق لمن يعلمه، والتزام دقيق بالنظام، وقدرة فائقة على المحاكاة والتقليد والإتقان.
ودخل الملاييين من الإندونسيين في الإسلام، ووجهوا اهتمامًا بالغًا لتعلم العلوم الإسلامية، وتعلم اللغة العربية، بتأثير نظام حلقات العلماء الفضلاء، حتى صارت إندونسيا من كبريات الدول المنتمية إلى الإسلام، والإسلام فيها هو دين الأكثرية العظمى، وكان يمكن أن يكون هو الدين الوحيد لولا الاستعمار الغربي الذي وفد إليها في القرون المتأخرة، مشحونًا بمكايده الكثيرة في محاربة الإسلام والمسلمين.