[المقولة الثانية: السنة بعد عصر الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نهاية القرن الأول الهجري]
بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم غدا أصحابه الأجلاء هم المرجع للمسلمين في نقل صورة صادقة لحياته، في أقواله وأعماله وصفاته وإقراراته وسائر سيرته.
وأخذ عشاق العلم الإسلامي الكثيرون من التابعين يتلقفون من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم جميع ما كانوا وعوه وحفظوه من سنته.
وقامت حركة علمية نشيطة قادها نوابغ من التابعين، لحفظ العلم النبوي وجمعه، اقتباسًا من الذين أخذوه مباشرة من الرسول، أو شهدوه من حياته، أو أخذ بعض الصحابة عن بعض، وكانت عمدتهم الكبرى الأخذ مشافهة، وحفظ ما يسمعونه.
وأخذ تدوين السنة النبوية يتزايد شيئًا فشيئًا، اعتمادًا على ما يتلقاه الحريصون عليها من التابعين، على سبيل المشافهة أو الأمالي من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم.
وإذ توزع بسبب الفتوحات الإسلامية علماء الصحابة وكبار علماء التابعين في بلدان العالم الإسلامي، وإذا كانت السنة النبوية موزعة في صدروهم، وغير مجموعة عند واحد منهم، وغير مجموعة في كتاب واحد، أو مدونة واحدة، فقد كان على طلابها أن يتابعوا العلماء بها إلى البلدان التي هم فيها، فظهرت في المسلمين الرحلات لطلب الحديث النبوي وسماعه وتسجيله، حتى كان بعض الصحابة يرحل لسماع حديث من صحابي آخر ليأخذه عنه، أو ليوثق به سماع نفسه من الرسول صلى الله عليه وسلم. فقد رحل أبو أيوب الأنصاري من المدينة إلى مصر