[المقولة الخامسة: فلسفة الإسلام في الوسائل والغايات]
هل الغاية تبرر الوسيلة؟
سؤال يطرحه شبان العصر الحديث على أسس الإسلام وقواعده، ليتعرفوا على فلسفة الإسلام المتعلقة بموضوع هذا السؤال.
وما كان من شأن هذا السؤال أن يكون ذا موضوع كبير لولا أن صاحب فلسفة منحرفة في السياسة يدعى "مكيافلي"١ نادى في كتابيه: "الأمير" و"المطارحات" بمبدأ في السياسة يتضمن أن السياسة غير ذات أخلاق بالمعنى المفهوم عند الأخلاقيين، فكل غاية سياسية تبرر للسياسي أن يتخذ أية وسيلة تضمن له تحقيقها، ولو كانت هذه الوسيلة غير أخلاقية في عرف الأخلاقيين.
وقد أخذ معظم أرباب السياسية في الشرق والغرب بهذا الاتجاه الميكيافلي في أقصى صوره المنحرفة.
وهذا الاتجاه المنحرف الشاذ عن الكمال الإنساني -إذا أخذ على إطلاقه- هو طريق كل المنحرفين الظالمين في الأرض، قبل كيافلي وبعد، في السياسة وفي غيرها.
واليهود من أبرز أمم الأرض التي تمارس هذا الانحراف الآثم الظالم عبر تاريخهم الطويل.
ويتساءل كل من عنده عقل، بل كل من عنده مقدار يسير منه، عن التفسير المنطقي لهذه المقولة الشاذة في الحياة التي لا يستطيع إنسان في الدنيا أن يقبلها إطلاقًا، مهما بلغت به الجريمة، ومهما بلغ به الشذوذ الفكري والنفسي.
ومن المعروف في الحياة أن لكل إنسان ولكل مجموعة بشرية مطالب نفسية وحاجات جسدية، وأنه لا بد لتحقيق أي مطلب من مطالب النفس، وأية حاجة من حاجات الجسد، من اتخاذ وسيلة إلى ذلك.
فهل يصح في عقل أي إنسان عاقل اتخاذ أية وسيلة في الدنيا، مهما كان شأنها عظيمًا لأية حاجة مهما كان شأنها حقيرًا خسيسًا؟
وحينما يروج السفهاء أو المجرمون مقولة مكيافلي هذه:"إن الغاية تبرر الوسيلة" ويدعون هذا الكلام يسير على إطلاقه، دون قيود المنطق السليم، والحق الثابت، والفضيلة المثلى، فإنهم لا بد أن يتصرفوا في حياتهم تصرف
١ ميكيافيلي: هو نيقولا مكيافلي ولد في فلورنسا من إيطاليا سنة ١٤٦٩م وتوفي سنة ١٥٢٧م.