[مقدمة الطبعة الثانية لكتاب "أسس الحضارة الإسلامية ووسائلها"]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وجعل دينه الذي اصطفى للناس دين حضارة سليمة وارتقاء صحيح إلى مجد الإنسان في دار الابتلاء ثم في دار الجزاء.
وبعد: فأقدم لقراء العربية الطبعة الثانية من كتابي هذا "أسس الحضارة الإسلامية ووسائلها" بعد أن نفدت نسخ الطبعة الأولى منه، سائلًا الله تعالى أن ينفع به شباب هذه الأمة، فيعملوا على بناء الحضارة الإسلامية بناء صحيحًا، مستهدين في ذلك بكتاب الله وسنة رسوله محمد خاتم الأنبياء والمرسلين -صلوات الله وسلامه عليه- والمتمم لرسالات من سبقه من رسل الله.
والمطلع على هذا الكتاب من ذوي الثقافة الواعية، يرى أنني في تصور الحضارة الإسلامية وتحديد مفاهيمها قد جعلت مرجعي كتاب الله وسنة رسوله وسيرته في حياته، ولم تحرفني عن ذلك مفاهيم قاصرة أو منحرفة للحضارة، أخذت بها الحضارات غير الإسلامية القديمة والحديثة. والحق الذي جاء به الإسلام بطريقة فذة كاملة لا بد أن يتفق مع عناصر الحق الموجودة لدى المفاهيم الإنسانية، ويختلف مع عناصر الباطل الموجودة لديها، فما كان من لقاء بينه وبينها فهو اتفاق في الحق، وما كان من افتراق بينه وبينها فهو اختلاف بين الحق الذي جاء هو به، والباطل الذي أخذت هي به.