لدى النظر في أصول الحكم الإسلامي، وأركانه وشروطه وتطبيقاته، نلاحظ أنه سلطة تنفيذية تقوم بدور الإمامة في الأرض لمراقبة تنفيذ شريعة الله، ولسياسة الأمة سياسة عدل وحكمة، وللعمل على دفع الناس لبناء الحضارة الإسلامية بناء واقعيًّا على أسسها الفكرية، التي أرشدت إليها تعاليم الإسلام ونصائحه ووصاياه، واتخاذ الوسائل المستطاعة لذلك ضمن حدود تعاليم الإسلام.
فما قرره الإسلام من أصول وأحكام وغيات ووسائل في مصادره التشريعية الصحيحة الصريحة، فإن سلطة الحكم الإسلامي لا تملك فيه تعديلًا ولا تبديلًا، ووظيفة هذه السلطة بالنسبة إليه إنما هي مراقبة التنفيذ، واتخاذ الوسائل المستطاعة الكفيلة به.
ولهذه السلطة التنفيذية أن تُسخر قوة سلطانها المعنوي والمادي لتحقيق تنفيذ مقررات الإسلام، وإلزام الناس بتطبيقها، ومراعاتها مراعاة تامة، فتصدر في ذلك التنظيمات والتعليمات الإدارية، وتوجه الأوامر المكتوبة، وترتب الجزاءات المعنوية والمادية، وتقرر الشروط اللازمة لمن يتولى أمرًا من الأمور العامة أو الخاصة، وتعتبر الالتزام بالأحكام الإسلامية جزءًا من الكفاءات التي تدخل في شروط التوظيف والترقيات، وتعتبر عدم الالتزام إخلالًا بالواجبات المسلكية التي تستدعي لفت النظر، فالإنذار، فالمعاقبة، فالصرف من العمل، إلى غير ذلك من وسائل كثيرة.
ولسلطة الحكم الإسلامي أن تستعين بمن ترى فيه الخير من جند لحفظ الأمن ومراقبة التنفيذ الداخلي، وجند لحراسة الحدود، ونحو ذلك.
ولسلطة الحكم الإسلامي أن تُؤسس مختلف المصالح والإدارات والوزارات، وتضع لها التنظيمات الإدارية، التي لا تتعارض مع شيء مما قرره الإسلام، ولها أن تسميها بالأسماء الملائمة لمهامها.