ويدخل في ذلك تنظيم القضاء الإسلامي العادل، للحكم بين الناس بالعدل، وتنظيم الهيئات التفتيشية، وتنظيم هيئات الدعوة والوعظ والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفق الأسس الصحيحة التي تعتمد على العلم الصحيح، والتربية الكريمة القويمة، والحكمة في الأمور.
وأما ما لم يقرر فيه الإسلام تفصيلات جزئية، وإنما اكتفى فيه بتحديد الغاية، ووضع الحدود العامة للطرق والوسائل، فإن من وظيفة الحكم الإسلامي أن يبذل ما يستطيع من جهد للسير برعيته شطر الغاية الحضارية المثلى، التي حددها الإسلام في أسسه الحضارية العامة، وما تتطلبه المسيرة الحضارية المترقية للمجتمع الإسلامي، فعلى أولي الأمر فيه أن يتخذوه ويقوموا به، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا.
ومن أمثلة ما يقوم به الحكم الإسلامي من ذلك ما يلي:
١- أن يضع السياسة التعليمية العامة، ويجعلها موجهة إلى ما يحقق بناء الحضارة الإسلامية بناء صحيحًا، وأن يشرف على تنفيذها إشرافًا دقيقًا يحميها من الانحراف والزيغ، والتهاون والتقصير.
٢- أن يؤلف المجالس الاستشارية المختلفة من المختصين المخلصين لكل جانب من جوانب الحياة.
٣- أن يهيئ تكافؤ الفرص لجميع أصحاب الكفايات الموثوقين بإخلاصهم لبناء الحضارة الإسلامية، وحسن إدارتهم، وبدلهم ما يستطيعون من جهد.
٤- أن يُؤسس المؤسسات الاجتماعية المختلفة، ويُوزع فيما بينها أعمال البناء الحضاري المجيد وفق اختصاصاتها.
٥- أن يشجع على القيام بمشاريع العمل الإنتاجية الزراعية والصناعية والعمرانية وغيرها، ولو بأن يقوم بشيء منها بشكل مباشر، بغية دفع الأمة إلى العمل، وتدريبهم عليه.
٦- أن يتخذ الوجوه الصالحة لتحقيق مبدأ الشورى المقرر في الإسلام
بقوله تعالى لرسوله: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر} وقوله تعالى يصف المؤمنين: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُم} .
٧- أن يتخذ التنظيمات الإدارية المختلفة لضمان تيسير المصالح والأعمال وفق أخصر الطرق، وأضبطها، وأكثرها ضمانًا للحقوق، وأفضلها لتحقيق الغاية الإسلامية الدينية والمدينة، وهي الغاية الحضارية المجيدة.
وهكذا، إلى غير ذلك من أمور كثيرة تتطلبها الحكمة الإدارية، والسياسية، والعسكرية، لإقامة الدولة الإسلامية الحضارية المتقدمة