[المقولة الرابعة: الجهاد بالقتال في تاريخ بناة الحضارة الإسلامية]
حدثنا التاريخ عن الجهاد الصادق المقدس بإعداد القوة المادية واستخدامها، في القتال الذي قام به حامل لواء الحضارة الإسلامية الأول، رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، والمسلمون معه، وذلك منذ هجرته حتى رحلته الأخيرة إلى جوار الله، وكان بهذا الجهاد المقدس ظهور الإسلام واستعلانه، وشق الطريق الطويلة لبناء الحضارة الإسلامية المجيدة، بناء واقعيًّا على أسسها الفكرية الراسخة.
وحدثنا التاريخ أيضًا عن استمرار حركة هذا الجهاد العظيم على أيدي المؤمنين الصادقين، بعد وفاة رسول الله صلوات الله عليه في العصور الإسلامية الزاهرة الأولى، فأثمر جهادهم الصادق فتحًا مبينًا، لعشاق الخير، وناشدي الحضارة المجيدة، ونصرًا عزيزًا للبؤساء والمظلومين ومهضومي الحقوق، ومنح الأكفياء للمساهمة في بناء الحضارة أرضًا مستقرة آمنة، وزمنًا مباركًا، فأخذوا يبذلون ما لديهم من طاقة وجهد في بناء الصرح الخالد، الذي دفعتهم إلى بنائه أسس الحضارة الإسلامية الراسخة.
وامتد الإسلام باستمرار حركة هذا الجهاد المقدس، وامتدت معه أصوله الحضارية شرقًا وغربًا، وحقق المسلمون به معجزة الفتح التاريخية، التي كادت تضم بين جناحيها معمور الأرض في مشارقها، ومغاربها، وكان ذلك في أقصر حقبة عرفها تاريخ الفتوحات في الأرض.