[المقولة الثالثة: مفاهيم عامة تشتمل عليها حدود الخير والشر]
المفهوم الأول:
لا بد في هذا المجال من أن تنحصر نظرتنا إلى الخير والشر ضمن دائرة السلوك الإنساني الذي ينشأ عن إدارة الإنسان وتصميمه، ويترتب عليه بسبب ذلك المدح أو الذم.
أما ما لا دخل للسلوك الإنسان فيه فخارج عن نطاق المسئولية الإنسانية، ولا علاقة له ببناء حضاري يفخر به الإنسان؛ إذ يرفع من قيمته، أو تخلف حضاري يخجل منه الإنسان إذ يحط من قيمته.
المفهوم الثاني:
يطلق على السلوك الذي يمارسه الإنسان بإرادته مع العلم به وبنتائجه خير أو شر، نظرًا إلى ما يتضمنه ذلك السلوك أو يترتب عليه وينجم عنه من خير أو شر.
المفهوم الثالث:
يدخل في مفهوم الخير كل عمل يتم به تلبية مطلب أو أكثر من مطالب النفس أو الغرائز، وتلبية حاجة أو أكثر من حاجات الجسد، مما فيه جلب لذات أو دفع آلام.
ويدخل في مفهومه أيضًا كل عمل يتم به تحقيق منافع ومصالح، أو دفع مضار ومفاسد، للفرد أو للجماعة.
وكل ذلك ضمن شروط أربعة:
الشرط الأول: الاعتدال الذي لا إفراط فيه ولا تفريط.
الشرط الثاني: ألا يكون في شيء من ذلك عدوان على حدود الله التي حدها لعباده، في أوامره ونواهيه، سواء كانت متعلقة بالأمور الاعتقادية أم العبادية أم بأي سلوك آخر في حياة الإنسان.
الشرط الثالث: ألا يكون في شيء من ذلك عدوان على حق ثابت للفرد أو للجماعة.
الشرط الرابع: ألا يكون في شيء من ذلك ضرر أو مفسدة للفرد أو للجماعة، بنسبة مساوية لما يتحقق به من منفعة أو مصلحة، أو بنسبة راجحة عليه.