الإسلامية، فأعطي كل ذي حق في الوجود حقه بالعدل، دون أن يطغى بعض ذلك على بعض. وبعد أن منح الله جل وعلا الإنسان في هذه الحياة الدنيا العقل والإدارة ومقدارًا من القدرة على تنفيذ بعض ما يريد، وزوده إلى جانب ذلك بالغرائز والشهوات والأهواء النفسية، ودفعه إلى محيط مشحون بكل وسائل الامتحان الدقيق، وظروفه المحكمة، وضعه موضع السيادة على دونه من جهة، وموضع الابتلاء بين يدي خالقه من جهة أخرى، وحدد له معالم طريق الخير والشر، وكلفه أن يسلك في حياته طريق الخير على مقدار استطاعته، وأن يتجب طريق الشر ما استطاع إلى ذلك سبيلًا.
تفصيلات تحدد معالم هذا المستوى الرفيع:
وفي محاولة تفصيل موجز لمفهوم الخير والشر انطلاقًا في آفاق المستوى الرفيع الذي ألمحنا إليه في الفقرة السابقة نجد أنفسنا مضطرين إلى تحليل عناصره، وتمييز خصائصه، وتوضيح حدوده، وعرض طائفة من أمثلته، وبيان كيف جعل الإسلام مبدأ "فعل الخير والعمل على نشره وترك الشر والعمل على قمعه" أساسًا راسخًا من أسس حضارته المجيدة.
وهذا العمل يتطلب منا أن نضع أيدينا على المفاهيم العامة التي يشتمل عليها الخير والشر، لتساعدنا على تحليل العناصر، وتمييز الخصائص، وتوضيح الحدود، فهي المفاتيح التي تفتح لنا أبواب التبصر الصحيح.