من الجدليات التي يثيرها فريق من أعداء الإسلام تضليل أبناء المسلمين بمثاليات عوراء، في معرض تهجماتهم على أسس الإسلام الحضارية، فهم عن طريق الخداع الجدالي الذي لا مضمون له في واقع فلسفتهم، المرتكزة على أسس مادية بحت، يحاولون أن يوهموا أبناء المسملين بأن الإسلام حينما يدعو إلى الحق والخير والفضيلة يرغب الناس بأنواع الثواب المعادي المعجل أو المؤجل، ويضللون بأن المثالية في التزام جانب الحق، وفي فعل الخير والفضيلة تقضي بأن يسعى الإنسان إلى تحقيق الخير لمجرد أنه خير، لا لما يترتب على فعله من ثواب وأجر يعود على الفاعل، ولهم في هذه التضليلات غرضان:
الغرض الأول: صرف أبناء المسلمين عن جو المؤثرات الترغيبية والترهيبية المشحونة بها نصوص الشريعة الإسلامية؛ لأنها من أفعل وسائل الإصلاح والتقويم للنفس الإنسانية، التي تنزع فيها الغرائز والأهواء والشهوات إلى الإثم والظلم، ولا تقبض عليها المثاليات النظرية إلا قبضًا يسيرًا.
الغرض الثاني التمويه على الصغار من أبناء المسلمين الذين لم يخبروا الحياة بعد، ولم يتكشفوا صور الخصائص النفسية للإنسان، ليجذبوهم بذلك إلى صفوفهم، وليخدعوهم بمثاليات جوفاء، حتى يقدموا أنفسهم ضحايا مجانية وهم يجهلون أنهم يحققون بتضحياتهم للقادة المضلين غاياتهم الموغلة في المادية، التي لا تعترف بشيء من المثاليات.
إن هؤلاء المضلين يستخدمون كل ذكائهم ليقدموا هؤلاء الصغار، أحداث الأحلام وقودًا في مطبخ السلاح الذي يعدونه للتسلط على الشعوب، والتحكم بمصائرها، والانتفاع بخيراتها، في مادية مغرقة، ليس لها غاية إلا إشباع الغرائز الجسدية والنفسية، وتلبية الشهوة العارمة إلى استعباد الناس.
وقد تبين لنا بالبحث المستفيض كمال رسالة الحضارة الإسلامية؛ إذ جعلت من أسسها الحضارية المثالية في العقائد والغايات والأهداف، والواقعية في الأعمال ومناهج الحياة.