[الباب الرابع: لمحات من أثر الحضارة الإسلامية في الحضارات الإنسانية الأخرى]
١- مقدمة:
مؤرخو الحضارات من غير المسلمين، حينما يتعرضون للحديث عن الحضارة التي أسسها المسلمون ونشروها في العالم، على ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: جائرون جاحدون متعصبون ضد الإسلام والمسلمين، وهؤلاء يزعمون أن الأمة الإسلامية مجرد أمة قاتلت، فانتصرت، وفتحت الفتوح في العالم بأساليب همجية، وفرضت على الناس بالسيف أن يدخلوا في الإسلام.
الصنف الثاني: متوسطون بين الإنصاف والجحود المتعصب، وهؤلاء يزعمون أن المسلمين قدموا للناس حضارة إلا أنهم كانوا مجرد ناقلين للحضارة اليونانية والفارسية والهندية وغيرها من حضارات الأمم السالفة. وقد استفادت الحضارة الغربية، وما تلاها من نقولهم وتجرماتهم إذ كانوا أدوات نقل صادقة واعية.
النصف الثالث: منصفون متجردون، وهؤلاء يرون أن المسلمين قدموا للعالم حضارة متكاملة الأسس، وأن حضارتهم التي قدموها ترجع إلى ثلاثة مصادر:
- فكان القسم الاعتقادي والسلوكي الفردي والاجتماعي مأخوذًا من تعليمات دينهم المبينة في القرآن، وفي بيانات الرسول صلى الله عليه وسلم، وما استنبطه المسلمون منهما.
- أما القسم المادي والإداري التنظيمي فقد كان المسلمون فيه جامعين بين