للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن كان ما ينجم عنه من ضرر أو مفسدة للفرد أو للجماعة مساويًا لما يجلب به من منفعة أو مصلحة للفرد أو للجماعة أو راجحًا عليه لم يكن من أعمال الخير، وإنما هو من الأعمال التي يغلب فيها جانب الشر على جانب الخير، أو يترجح تركها على فعلها صيانة للعمل الإنساني من العبث، وعملًا بقاعدة: "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح المساوية لها".

أما عند تعارض الحقوق أو المصالح أو المنافع، وكذلك عند تعارض الأمور التي فيها دفع المضار والمفاسد، سواء كان ذلك التعارض بين الأفراد أم بين الفرد والجماعة، فالطريقة الإسلامية لحل التعارض هي أن يلجأ إلى التوفيق بالعدل، وذلك ضمانًا لأكثر نسبة من الخير يمكن تحقيقها، وتفاديًا لأكثر نسبة من الشر يمكن تفايدها. وهذه الطريقة الإسلامية هي طريقة المنطق السديد، والعقل الرشيد، لمن أدرك حقائق الأمور ووعاها.

ومن الأمثلة التطبيقية لهذه القاعدة ما لو تعارضت مصلحة الفرد مع مصلحة الجماعة، ولكن كانت مصلحة الفرد راجحة على مصلحة الجماعة، فإننا نقدم هنا مصلحة الفرد، ونعتبرها هي الأحق بأن يستجاب لها شرعًا وعقلًا، ومن ذلك ما لو توقفت حياة إنسان في طعامه أو شرابه أو ملبسه أو مسكنه أو معالجته الطبية على تحميل الجماعة خسارة مالية من صندوقها العام، وهذه الخسارة لا تؤثر على كيان الجماعة أمام عدوها، ولا تعرض الآخرين إلى هلاك أو مضرات مساويات لمضرة فرد واحد أو راجحة عليها فإن أحكام الشرعية الإسلامية تقضي بتحميل الجماعة هذه الخسارة الطفيفة، لدفع المضرة البالغة عن الفرد.

أما إذا كانت خسارة الجماعة هي الأكثر مضرة كأن يكون فيها تعريض كيانها العام لخطر من قبل عدوها، فإن أحكام الشريعة الإسلامية تقضي بالحرص على المصلحة الكبرى للجماعة، ولو أدى ذلك إلى هلاك الفرد.

ومن أمثلة رجحان مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد ما لو توقفت توسعة طريق عام تقضي المصلحة الجماعية بتوسيعه على هدم بعض الدور أو الدكاكين للأفراد، وتوفيت بعض المصالح عليهم، فإن أحكام الشريعة الإسلامية تأذن

<<  <   >  >>