للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاجتماعية التي يتمتعون بها بين العرب. وحرصًا على أن لا ينسب إلى واحد منهم أمر شائن يقام عليه فيه الحد الشرعي، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله ويشفع لها عنده؟ فقالوا: ومن يجترئ على ذلك إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حبه، فكلموه في أن يشفع لها عنده، فكلم أسامة رسول الله مستشفعًا بها، فغضب عليه الصلاة والسلام غضبًا شديدًا، وقال لأسامة:

"أتشفع في حد من حدود الله"؟.

وعلم رسول الله أن الأمر لم يكن من أسامة، وإنما هو من القرشيين، فجمع المسلمين وخطب فيهم، فقال:

"إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".

وهكذا أصل الرسول صلوات الله عليه في نفوس المسلمين إلغاء الفوارق الطبقية بين المسلمين، وأعلن أنه لو حصل من ابنته فلذة كبده، ما يوجب عليها حد الله لم يعفها من تنفيذ ذلك، ولم يستجب فيها لعاطفة قلبه نحوها، وهي ابنته، فضلًا عن أن يستجيب لعاطفة قبلية، أو عنجهية طبقية.

٣- جاء قيس بن مطاطية "وكان منافقًا" إلى حلقة فيها سلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال الحبشي، فقال: هذا الأوس والخزرج قد قاموا بنصرة هذا الرجل "يعني محمد صلى الله عليه وسلم" فما نال هؤلاء "يعني سلمان وبلالًا وصهيبًا" فقام إليه معاذ بن جبل فأخذ بتلابيبه ثم أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بمقالته، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا يجر رداءه حتى أتى المسجد، ثم نودي في الناس: "الصلاة جامعة" فاجتمع المسلمون فخطب فيهم الرسول فقال:

"يا أيها الناس إن الرب واحد، والأب واحد، وإن الدين واحد، ليست العربية بأحدكم من أب ولا أم، وإنما هي اللسان، فمن تكلم بالعربية فهو عربي". رواه ابن عساكر بسنده إلى الزهري.

<<  <   >  >>